شهدت العقود الأخيرة ازدياداً ملحوظاً في حالات قصر النظر (Myopia) حول العالم، لا سيما بين فئة الأطفال والمراهقين. ورغم أن قصر النظر لطالما صُنّف كأحد أنواع الأخطاء الانكسارية البسيطة، إلا أن هذا التصنيف بدأ يُطرح حوله تساؤلات جادة في الأوساط العلمية، خاصة مع تصاعد الأدلة على علاقته بمضاعفات بصرية خطيرة، وتأثيره المتزايد على الصحة العامة.
حتى وقت قريب، اعتُبر قصر النظر (Myopia) مجرد حالة بصرية قابلة للتصحيح باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة. إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أن الأشكال المتقدمة من قصر النظر – والمعروفة بـ “قصر النظر العالي” – ترتبط بتغيرات هيكلية في العين يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات مثل:
هذه المضاعفات تدفعنا إلى إعادة النظر في تصنيف قصر النظر، ليس فقط كحالة انكسارية، بل كحالة مرضية مزمنة تتطلب تشخيصاً مبكراً وتدخلاً وقائياً مدروساً.
عدد من الهيئات العلمية البارزة، مثل الأكاديميات الوطنية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للبصريات (AOA)، بدأت تدعوا بشكل واضح إلى اعتبار قصر النظر (Myopia) حالة مرضية. هذه التوصيات لا تأتي من فراغ، بل بناء على معطيات وبائية وسريرية مقلقة تشير إلى أن نسبة الإصابة قد تصل إلى أكثر من 50% من سكان العالم بحلول عام 2050، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
من هذا المنطلق، يصبح التعامل مع قصر النظر (Myopia) بشكل جاد ضرورة مهنية وأخلاقية. لا يكفي أن نُجري تصحيحاً بصرياً، بل يجب أن نسعى لتطبيق أساليب الوقاية والإبطاء، ومنها:
بصفتي أخصائي بصريات، أؤمن أن تصنيف قصر النظر (Myopia) كحالة مرضية هو خطوة قادمة لا محالة، خاصة في ظل تطور الأدلة العلمية. وهذا التصنيف لا يهدف إلى إثارة القلق، بل إلى تعزيز الوقاية، وتحسين جودة الرعاية البصرية، وضمان مستقبل بصري أفضل لأجيالنا القادمة.