ابقى على تواصل

رفع المستوى المهني و العلمي بما يتناسب مع التطور التكنولوجي و العملي.

تواصل الان
روابط اضافية
اتصل بنا
اخر الاخبار والمدونة
بقلم: أخصائي البصريات محمد فارس النعلاوي
27, 4 , 2025
هل قصر النظر (Myopia) مجرد خطأ انكساري؟ أم حالة مرضية؟

شهدت العقود الأخيرة ازدياداً ملحوظاً في حالات قصر النظر (Myopia) حول العالم، لا سيما بين فئة الأطفال والمراهقين. ورغم أن قصر النظر لطالما صُنّف كأحد أنواع الأخطاء الانكسارية البسيطة، إلا أن هذا التصنيف بدأ يُطرح حوله تساؤلات جادة في الأوساط العلمية، خاصة مع تصاعد الأدلة على علاقته بمضاعفات بصرية خطيرة، وتأثيره المتزايد على الصحة العامة.

تغير النظرة العلمية تجاه قصر النظر (Myopia)

حتى وقت قريب، اعتُبر قصر النظر (Myopia) مجرد حالة بصرية قابلة للتصحيح باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة. إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أن الأشكال المتقدمة من قصر النظر – والمعروفة بـ “قصر النظر العالي” – ترتبط بتغيرات هيكلية في العين يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات مثل:

  • انفصال الشبكية
  • التنكس البقعي المرتبط بقصر النظر
  • الزرق
  • إعتام عدسة العين المبكر

هذه المضاعفات تدفعنا إلى إعادة النظر في تصنيف قصر النظر، ليس فقط كحالة انكسارية، بل كحالة مرضية مزمنة تتطلب تشخيصاً مبكراً وتدخلاً وقائياً مدروساً.

توصيات علمية متزايدة لتصنيفه كمرض

عدد من الهيئات العلمية البارزة، مثل الأكاديميات الوطنية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للبصريات (AOA)، بدأت تدعوا بشكل واضح إلى اعتبار قصر النظر (Myopia) حالة مرضية. هذه التوصيات لا تأتي من فراغ، بل بناء على معطيات وبائية وسريرية مقلقة تشير إلى أن نسبة الإصابة قد تصل إلى أكثر من 50% من سكان العالم بحلول عام 2050، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.

التدخل المبكر ضرورة وليست خياراً

من هذا المنطلق، يصبح التعامل مع قصر النظر (Myopia) بشكل جاد ضرورة مهنية وأخلاقية. لا يكفي أن نُجري تصحيحاً بصرياً، بل يجب أن نسعى لتطبيق أساليب الوقاية والإبطاء، ومنها:

• التوعية بأهمية التعرض للضوء الطبيعي يومياً
• تقليل ساعات استخدام الأجهزة الإلكترونية
• اعتماد تقنيات العدسات المتخصصة للسيطرة على تطور قصر النظر
• المتابعة الدورية المنتظمة لدى اختصاصيي البصريات
كلمة أخيرة

بصفتي أخصائي بصريات، أؤمن أن تصنيف قصر النظر (Myopia) كحالة مرضية هو خطوة قادمة لا محالة، خاصة في ظل تطور الأدلة العلمية. وهذا التصنيف لا يهدف إلى إثارة القلق، بل إلى تعزيز الوقاية، وتحسين جودة الرعاية البصرية، وضمان مستقبل بصري أفضل لأجيالنا القادمة.

المراجع العلمية:
1. Holden B.A. et al. (2016). Global Prevalence of Myopia and High Myopia and Temporal Trends from 2000 through 2050. Ophthalmology, 123(5), 1036–1042.
2. American Optometric Association (AOA). Myopia Classification and Management Guidelines.
3. World Health Organization (WHO). The Impact of Myopia and High Myopia – Report of the Joint World Health Organization–Brien Holden Vision Institute Global Scientific Meeting.